الجمعة، 8 أكتوبر 2010

من مدونة الصديق خالص جلبى


كتبهاد.خالص جلبي ، في 30 مارس 2010 الساعة: 22:59 م


 http://kjalabi999.maktoobblog.com/1615900/الفتوى-الديني-والاجتماعي/
الفتوى: الديني والاجتماعي!

هل التدخين مفطر أم حلال في رمضان؟ هناك فتوى تجيزه للصائم، وهي منسوبة لجمال البنا الذي أعجبني رأيه في إمامة المرأة، ولباس النساء، أما رأيه في النسخ فلم يكن بهذه القوة والوضوح. والرجل يسير بنفس الاتجاه الذي نسير عليه من أجل تجديد التفكير الديني، لكن حين أنظر إلى فتواه في إباحة التدخين في رمضان، أقول إنه حتى لو أصاب فقهيا فهو مخطئ اجتماعيا، فنحن لا نكاد نصدق في هذا الشهر الكريم أن البيئة من التلويث تنظفت، والجيوب من الإنفاق ادخرت، والإرادة من قبيح العادات تحررت!
وما يفعله البنا بفتواه المذكورة هو إطلاق الوحش من مربضه، لكن لفائدة من يفعل ذلك؟ إن كان هدفه إطلاق العقل للتحرر في التعامل مع النصوص، فبكلفة مخيفة تفتح البوابة لضارٍ مخيف اسمه الدخان.

 
وفي كندا حاليا يقومون، بدون نصوص من القرآن والسنة، بتحريم التدخين، ويطبقون ذلك في الأماكن العامة، لتوفير بيئة خالية من التلوث، فما معنى أن يسعى البنا لإباحة هذه الخبيثة التي لا نكاد نصدق أن رمضان يقضي عليها جزئيا، في سبيل الوصول إلى القضاء عليها نهائيا. ورمضان للصائم تدريب يقول له إنه يمكنه التخلص من الدخان بعد رمضان.

لكن تحت ضغط النصوص الفقهية يقول البنا إن الصوم هو عن الطعام والشراب والجماع، لأن النصوص قالت بذلك! إلا أن الاستشهاد بهذه النصوص تحديداً، والتي اصطلح العرف خارجها على تحريم التدخين، يجعل فتوى البنا تكتيكاً خاطئاً للوصول إلى إطلاق الفكر في فهم النصوص، إذ يكلفه ذلك إطلاق الوحش من محبسه؟
وأذكر جيدا أن مالك بن نبي حين زارنا في دمشق عام 1971، سئل عن الموسيقى؛ هل هي حرام أم حلال؟ فقال: أنا أفهم الموضوع من المنظور الحضاري، وليس بحثاً في الأسانيد والنصوص، وبالطبع هذا الكلام حساس ومزعج لمن تجمد دماغه في النصوص فما عاد يملك منها فكاكا!
وكان بن نبي يرى أن الفن عموما هو تعبير حضاري، فإن حلقت الحضارة، حلق معها الفن عالياً. كذلك، في كتابه عن "دور المسلم في عالم الاقتصاد"، يرى أن وظيفة الفقهاء ليست اختراع اقتصاد جديد، بل تلك مهمة أناس اقتصاديين يبحثون عن أفضل الطرق لاقتصاد صحي، فإذا أحكموا صناعته أخذوا رأي الفقهاء فيه.
أما جمال البنا فمشكلته أنه ما زال تحت عباءة الفقهاء يحاول القفز منها عبثاً، والمسألة تخضع للوعي الاجتماعي أكثر من أساطير الفقهاء. هنا يبرز شيء جديد من الوعي، أو لنقل فقه جديد، مختلف تماما عن كل الفقه التقليدي الذي نعرفه.
وفي هذا يعجبني جدا مفهوم الفرق بين فكرة الأفكار الميتة والأفكار القاتلة، وأعترف شخصيا أني حين تعرفت عليها، وهي لمالك بن نبي في كتابه "مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي"، لم تكن واضحة حتى قمت بتنزيلها إلى عالم البيولوجيا، حين قارنت بين الزمر الدموية متخالفة الزمرة، ومختلفة الصلاحية، فلا يمكن نقل الدم لمريض يموت نزفا بدم مختلف الزمرة، أو منتهي الصلاحية، وإلا قتلناه من حيث أردنا إنقاذه. وكذلك الحال في عالم الأفكار؛ فمن ينقل مجلس الشعب من ألمانيا إلى بلد عربي، ينقل الشكل مقتول الحقيقة؛ فيتحول إلى مجلس آخر! وكما توجد مقبرة لكل قرية، كذلك حال الأفكار الميتة التي يجب دفنها بكل خشوع، قبل فواح الرائحة الكريهة



ليست هناك تعليقات: