السبت، 24 أكتوبر 2015

دبوس انذار مبكر . الاديان فى خطر بين صراع السيف والفيس !!! بقلم الصديق حكيم الخولى




.دبوس إنذار مبكر ..

الأديان فى خطر ..بين صراع السيف والفيس ...؟

بقلم / حكيم الخولى 

...

( كل مافى المدينة من رجل و إمرأه ؛ من طفل وشيخ ؛ حتى البقر و الغنم و الحمير بحد السيف ) 1 * ..

هكذا إنطلقت الديانة اليهودية الى فضاء التاريخ و قامت ببناء عقيدتها و فلسفتها منذ عام 586 ق.م ..

..

( لا تظنوا أنى جئت لألقى سلاما على الأرض ، ماجئت لألقى سلاما بل سيفا ) 2 *..

و هكذا إنطلقت الديانة المسيحية الى فضاء التاريخ وقامت ببناء عقيدتها و فلسفتها منذ عام 30 م ..

..

(قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الأخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولايدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد و هم صاغرون ) 3 *..

وهكذا إنطلقت الديانة الإسلامية الى فضاء التاريخ وقامت ببناء عقيدتها و فلسفتها منذ عام 622م ..

..

(كل البشر يولدون أحرارا ومتساوين بالكرامة والحقوق ويتميزون بعقول وضمائر وواجبهم التعامل مع بعضهم البعض بروح الأخوة) 4 *..

وهكذا إنطلقت وثيقة الإعلان العالمى لحقوق الأنسان منذ عام 1948م ..

..

طب إيه المشكلة ياعم  ..؟

المشكلة يانجم ..هاتكون فى الصدام القادم لامحالة بين قطار الأديان و قطار الحداثة على ممر التاريخ ..

يعنى إيه الكلام ده ..؟

تعالى نشوف الفيلم ..يمكن نعرف  ..

...

الحداثة تدق بمنجانيق القوة المادية الحسية و تقذف بالحمم و كرات اللهب على قلاع الأديان - سماوية كانت أو أرضية - ..

الأديان تقاوم بشراسة قائمة على إيمان مطلق غيبى تاريخى عددى مؤيد بقوة وسحر النص والتراث المقدس ..

...

الحداثة تمتلك جيش جرار مكون من قادة وزعماء و علماء و باحثين و دارسين و موهبين و متميزين و نابغين و مبدعين و محترفين و حالمين و طموحين و متهورين و طامعين و غاصبين و منحلين و كثير من المجانين و النصابين  ..

الأديان تمتلك جيش جرار مكون من الأنبياء و المرسلين و الحاخامات و القساوسة و الرهبان و المشايخ و الفقهاء و الباحثين و المدققين والمحققين و الحافظين و الخاشعين والمتوكلين و الحالمين والواهمين و الموهومين و القاتلين والفاسدين وكل الراغبين فى الحور العين بدلا من الدنيا الفانية ..

...

الحداثة تنطلق قذائفها من محراب العلم و صدق المعامل و نتائج المنطق ..

الأديان تنطلق قذائفها من محراب المعابد و الكنائس و المساجد و نتائج الإيمان المقدس ..

...

الحداثة تقدم ثورة المعلومات و تكنولوجيا الإتصالات و هندسة الجينات و علم الوراثة و الجينوم و الإستنساخ و ميكانيكا الكم و علوم الفيزياء و الفيمتو ثانية و علوم الفضاء و الفلك ..

الأديان تقدم مزايا شعب الله المختار و طهارة الصليب و فضل إطالة اللحى وزيادة وقت النكاح و التبرك ببوذا و حرمة البقرة المقدسة ..

...

الحداثة تطلق صواريخ الفضاء و الغواصات النووية وحرب النجوم و البحث عن حياة فى مجرات و كواكب أخرى و السفر عبر الزمن و الأكوان المتوازية و نظرية التطور ..

الأديان تطلق صواريخ العصا السحرية و الخلاص الأعظم و البراق المجنح و روح زرادشت التى حلت بالسماوات و سفينة نوح التى أنقذت العالم من الطوفان ..

...

الحداثة تقتحم غرف النوم بالفياجرا و التامول والترامادول وأحدث قمصان النوم ..

الأديان تواجه بإستبسال وأحقية نقاء الجنس اليهودى و طهارة أتباع المسيح و أفضلية أمة المختار وحكمة أتباع بوذا و قداسة شعب أهورا مازدا ..

...

الحداثة أجبرت الأديان على تغيير تشريعات و أحكام وتعطيل نصوص مقدسة ..

الأديان تقاوم بأحقية الشعب المختار فى الأرض المقدسة و حتمية الخلاص و حرق الجسد لتطهيره و إنتظار المهدى المنتظر الذى سوف يملأ الدنيا عدلا ..

...
مجتمعات وشعوب و أوطان الحداثة تعيش فى أفضلية و أسبقية حضارية ..

مجتمعات و شعوب و أوطان الأديان تعيش فى ردة و تأخر حضارى ..

...

ستووووووووووووووب ...

سيف الإيمان المقدس للأديان فى مواجهة فيس الحداثة ..

هذا هو عنوان الصراع للفيلم الملحمى الفلسفى للقرن (21) الميلادى فى سينما التاريخ ..

ترى ..ماذا ستكون مشاهد الفيلم فى عام 2100م ..؟

.. أتصورها مشاهد مزلزلة

....

..دبوس إنذار مبكر ..

.بقلم / حكيم الخولى

11 مارس 2014م 

.....

هوامش المقال

1* .. ( سفر يوشع 21 : 6 )

2*.. ( إنجيل متى : الإصحاح 10 : 34 )

3* .. ( سورة التوبة : 29 )

4* ..( بند 1 : الميثاق العالمى لحقوق الإنسان ديسمبر 1948م )


الخميس، 15 أكتوبر 2015

لا نهائية الزمان والمكان. ، الأثبات الذى يكيل الضربه القاضيه لفكرة "الخلق" بقلم الصديق الاستاذ حسين الجوهرى

       


        فى حوالى سنة 900ب.م. قام رجل يدعى الخوارزمى (فارسى المنشأ عاش فى بغداد) باستنباط "الصفر". فى شرحه للناس لما يعنيه بالصفر قال الخوارزمى "اذا كان معك 5 برتقالات وأكلت واحده يتبقى معك 4 وان اكلت واحده ثانيه يتبقى 3 وهلم جرا وبعد ان تاكل آخر برتقاله يتبقّى معك 0 برتقاله". سالوه "اليس 0 برتقاله- أى حالة عدم وجود برتقال -مساوى ل0 ناقه أو 0 بيت مثلا"؟. قال "لا 0 أى شيئ مميّز ومختلف تماما عن 0 كل الاشياء الاخرى". تضاربت الأقاويل عما حدث بعد انتهاء المحادثه ولكن هناك اجماع على ان الرجل اهين واعتدى عليه جسمانيا بتهمة الزندقه والألحاد وتخريب العقول.
150 عاما مضت وظهر رجل آخر يدعى جابر ابن حيّان الذى بدأ فى صياغة المعادلات الجبريه مستخدما الصفر ولكن بدون اى جدل حول تمييزه كما فعل الخوارزمى من قبل. ولم ينسب علم الجبر الى ابن حيان الا بعد قرون عديده من وفاته. لم يأخذ الصفر مكانته كمسبب اساسى للتغيير النوعى فى حياة الأنسان الا على يد الفرنسى ديكارت. قال ديكارت ان الخوارزمى كان على صواب ولكن شرحه للصفر كان ناقصا. فعندما وصل الخوارزمى الى 1برتقاله كان يجب عليه بعدها الذهاب الى نصف برتقاله ثم ربع ثم ثمن وهلم جرا. فى هذه الحاله سوف يتضاءل الجزء المتبقى من البرتقاله كلما استمر تقسيمها ولكنها لن تنتهى ولن تتلاشى كليّة. اى ان عملية تقسيم البرتقاله سوف يستمر -نظريّا- الى مالانهايه. وبالتالى فان فحصنا هذا الجزء المتناهى الصغر والذى -من كافة النواحى العمليه-يمكن اعتباره "صفرا" يكون الخوارزمى على حق فى أن 0 برتقاله مميّز عن 0 كل الاشياء الاخرى. بعدها قام ديكارت بارساء قواعد الرسوم البيانيه وفى قلبها الصفر الذى أتاح نظام المحاور (السين والصاد) وتقسيمهم الى سالب وموجب. والبقيه تاريخ أغلبنا على دراية منه.
اليوم, نحن فى وضع مماثل او مشابه لمرحلة الخوارزمى وصفره ولكنه ليس الصفر هذه المرّه بل "المالانهايه". لفحص هذا المفهوم دعنا نتخيّل ان أحدنا استقّل مركبة منطلقة فى الفضاء. سوف يرى فى طريقه أجرام مجموعتنا الشمسيه ثم بلايين المجموعات الشمسيه المماثله والموجوده فى مجرّتنا ثم سيخترق بلايين المجرّات الموجوده فى سديمنا ثم بلايين السدم ...الخ. هذه كلها مسافات تقاس بالسنين الضوئيّه, اى المسافه التى تقطعها الأشعّه الضوئيّه فى سنه. ولكى نكون على درايه بسرعة الضوء فهو يدور حول خط استواء الأرض (حوالى 40,000 كيلومتر) أكثر من 7 مرات فى الثانيه الواحده. نعود مرة اخرى الى مركبتنا الفضائيه والتى قطعت مسافات تقدّر ببلايين بلايين السنين الضوئيّه. الآن هل من الممكن ان تصل هذه المركبه الى نهايه؟ اذا أجبنا بنعم فلابد أن نتسائل عن طبيعة هذه النهايه, أهى سور أو حاجز بشكل ما؟ وان كان الامر كذلك فما الذى يمكن ان يكون موجودا خلف هذا السور او الحاجز الا أن يكون بالضروره مكان آخر. هذا فى ضوء معرفتنا ووعينا واحساسنا بمعنى المسافه والمكان. بناء على ما تقدّم فلا مفر من استنتاج الحقيقه وهى ان المكان الذى نعيش فيه هو ممتد ولا يمكن أن تكون له نهاية. الآن ننتبه الى فحص الزمن. هناك مدخلين لاثبات لانهائية الزمن. الأول هو بما انه لا يمكن التواجد فى مكانين فى نفس اللحظه اذن فلا بد ان يمر زمن للانتقال من مكان لآخر. وحيث ان المكان لانهائى, كما اسلفنا, فلابد بالضروره اذن ان يكون الزمن ايضا, وبالتبعيه, لانهائيا. هذا دليل منطقى وقاطع ولا يمكن دحضه. أما المدخل الثانى هو أنه يمكن تخيّل مركبه زمنيه متّجّهة خلفا الى الماضى او اماما الى المستقبل, هل سنصطدم ببداية أو نهايه؟ تفعيلا لنفس المنطق المطبق على المكان سوف ننتهى بالضروره ان الزمن أيضا لانهائى لابداية له ولا نهايه. 
أعتقد ان ما يلزمنا فى هذه الحقبه هو أن "نستوعب" و "نبلع" و"نهضم" مفهوم اللانهايه تماما كما فعلنا مع الصفر من قبل. أى نفك النصبه وننصرف وكل واحد يروح يشوف شغله. لقد قضى الأمر بعدما حسمنا أمر وجودنا

الثلاثاء، 6 أكتوبر 2015

احمر ... نص جميل للصديقة وجد بوعبدالله



أحمر 


كُنْتُ أمضي نحوك بلا أنين، بجثتي التي سحبتُها من اللهيب سرتُ نحوك، قدماي باردتان داخل الجوارب السميكة، كان ثوبي خفيفاً فوق جسمي على نحو مدهشٍِ ولذيذ…بعيداً عن الدخان الكثيف كنتٓ جاثياً على ركبتيك، وجهكَ ملطخ كمهرجٍ حزين، على محياك تداخل الدُخان والدموع وسائل أحمر، حاولتُ أن ألمس وجهك لأعرف هل أصبتٓ.
جلستُ أمامك وأنت تنتحب، حاولتُ أن أجد مكانٓ الجرح على جسدك، لم أستطع العثور على جرحٍ واحد، كنتٓ غريباً وأنتٓ تضرب ركبتيك وجارتنا وزوجها يحاولان تهدئتك. ما اسمها جارتنا؟

حاولت التذكر، عدى الابتسامات القليلة التي كنا تتبادلها لحظة نلتقي في المصعد أو في مأوى السيارات، لا أذكر أننا تبادلنا الحديث ولا حتى التحيات…

هل تسمعني قلت لك. لماذا لا تسمعني؟ قاطعني رجال الإطفاء وهم يحاولون منعك من الدخول وحين وصلت الشرطة كنتٓ قد انهرتَ تماماً، ما عدتٓ تقاوم، حاولتُ لمسٓ يدك وهي تنزف، بل فعلتُ حقاً، كانت مثل كتلة من الصلصال تعلقت بقطعة الثلج التي كانت يدي.
حاولتُ رفع يدك لأقبلها، حاولت التحدث بل فعلتُ لكن صوتي بقي عالقاً في حنجرتي مثلما حدث في تلك المرة التي علقت فيها زيتونة في حنجرتي وأنا أحدثك في المطبخ عن مديري الجديد…هل تذكر؟ كم ضحكنا يومها، ضحكنا طويلاً بدموعٍ سالت على خدودنا وصرتٓ تطلب مني أن أتوقف لأنك ستبلل بنطالك لو واصلتُ…ضحكنا طويلاً قبل أن أختنق بتلك الزيتونة التي علقت بحنجرتي وكنت تظن أني أواصل المزاح، رأيت بنطالك يتبلل أمامي وأنا أختنق وأنت تضحك بشكل هستيري، وحين امتقع لوني تفطنتٓ أني لم أكن أمزح بل كُنْتُ أختنق بالفعل…

ليلتها نمتُ بين ذراعيك ودموعك تبلل جبيني وأنت تهمس لي: أرجوكِ لا ترعبيني ثانيةً، أموتُ لو حدث لك مكروه.

حافظتُ على نفسي جيداً منذ تلك الليلة، وكلما حدثتني نفسي بأن أقلد أحداً وأنا أمضغ الأكلٓ عدلتُ، مخافة أن تبلل بنطالك ثانيةً وأختنق أنا، وأراك تبكي مثل يتيم في حجرة مظلمة.

حافظتُ على نفسي جيداً لأجلك ولأجل الطفل الذي رفض القدوم فعوضناه بعائلة من القطط، القطط في مأمن الآن، أنقذتها من النيران قبل أن تصل إليها، أخرجتها للشرفة قبل أن أفقد وعيي.
كُنْتُ أنتظر عودتك وغفوت على الأريكة لا أعرف كيف حدث هذا فجأةً..مثلما حدث الحمل فجأة حين فقدنا الأمل.

لم أخفِ عنك شيئاً، عدى مفاجأتي التي خبأتها في انتظار عودتك…كدتٓ تصير أباً.



الأحد، 4 أكتوبر 2015

اسطورة الفيل وطير ابابيل للصديق حيدر المحمداوى




اسطورة الفيل و طير ابابيل ...
لا يخفى علينا أنّ السيرة النبويّة بصحيحها و ضعيفها، مكتوبة بعد أكثر من قرن ونصف من وفاة محمّد، اعتمد فيها الإخباريّون على قناة شفويّة تمرّ من جيل إلى جيل، عبر قال فلان وقال فلتان وحدّثني علاّن ، وهذا النوع من الأخبار يدخل في باب الموروث الشعبيّ والإشاعات والأساطير أكثر ممّا يدخل في باب الحقائق التاريخيّة ، ولا يُعتدّ بمعلومات كهذه في الأبحاث العلميّة التي تقوم على الأركيولوجيا أو على أقلّ تقدير تبحث في تنوّع النصوص. فينبغي ألاّ نعتمد على السيرة العربيّة وحدها، وأن نبحث أيضا في ف
وجاء عبد المطلب يطلب إبلاً له أخذها جيش أبرهة، فقال له أبرهة : كنتَ قد أعجبتني حين رأيتُك، ثم قد زهدت فيك حين كلمتني ، أتكلمني في مائتي بعير أخذتها منك، وتترك بيتاً هو دينك ودين آبائك، قد جئتُ لهدمه، لا تكلمني فيه ! قال له عبد المطلب: إني أنا رب الإبل ، وإن للبيت رباً يحميه، فقال أبرهة: ما كان ليمتنع مني ، وأما قريش ففروا من أرض الحرم إلى رؤوس الجبال، يحتمون بها، ويترقبون ما الذي سيحل بأبرهة وقومه ، فلما أصبح أبرهة عبأ جيشه، وهيأَ فيله لدخول مكة ، فلما كان في وادي محسر-بين مزدلفة ومنى- برك الفيل، وامتنع عن التقدم نحو مكة، وكانوا إذا وجهوه إلى الجنوب أو الشمال أو الشرق انقاد لذلك، وإذا وجهوه للكعبة برك وامتنع، وبينما هم على هذه الحال، إذ أرسل الله عليهم طيراً أبابيل -ومعنى أبابيل يتبع بعضها بعضاً- مع كل طائر ثلاثة أحجار، حجر في منقاره وحجران في رجليه، لا تصيب منهم أحداً إلا تقطعت أعضاؤه و ابادت الجيش.
النقد النصي للسيرة هذه تتلخص بالتالي ، اولا: ان السيرة تبين لنا ان عبد المطلب جد محمد هو انسان جبان متخاذل هرب من الدفاع عن مقدساته و لم يفكر الا باهله و ابله ، فهل يعقل في الوقت الحالي ان نترك مقدسات المسلمين لداعش تهدمها زاعمين ان لها رب يحميها ثانيا: لماذا يدافع الله عن الكعبة المدنسة بالأوثان ضد أبرهة المسيحي ؟ و في ذلك الوقت كانت المسيحية هي الديانة الصحيحة التي يرضاها الله و كانت قريش تغوص في الوثنية و الشرك فكيف ينتصر الله لقريش عبده الاصنام , ثم ابرهة و جيشه ذهبوا لكي ينشروا دين الله و لم يكونوا يعلموا اصلا ان الكعبة بيت ابراهيم و لم تكن شائعة و لو كانوا يعلمون لكانوا اكثر حرصا عليها قو لجعلوها مزارا و بنوا فيها كنيسة و هدموا الاصنام الوثنية ، هذا يضطرنا الى الاعتقاد ان مسالة ان كعبة قريش بيت ابراهيم لم تكن شائعة انذاك و انها ادخلت حديثا و و الا لماذا ترك الله نبيه يتوجه للمسجد الأقصى في صلاته سنوات طوال ثم رجع في كلامه ووجهه ناحية الكعبة !؟ هذا اذا اضفنا كيف امكن لابرهة جلب الفيلة و العرب لم تكن تعرف الفيل و لا هو ممن يعيش في شبه الجزيرة العربية!؟ لذا فان الرواية لا تصمد امام النقد النصي .
من ناحية اخرى هدمت الكعبة اكثر من اربع مرات اشهرها لما هدمها الحجاج بن يوسف الثقفي عندما حاصر عبد الله بن الزبير و هدم الكعبة بالمنجنيق و مثله فعل ابو طاهر القرمطي سنة 317 هجرية و هنا نذكر رواية هدم الكعبة من قبل ابو طاهر القرمطي ، هذه هي القصة كما جاءت في كتاب البداية والنهاية - للإمام الحافظ عماد الدين أبي الفداء إسماعيل ابن كثير:
خرج ركب العراق وأميرهم منصور الديلمي فوصلوا إلى مكة سالمين، وتوافدت الركوب هناك من كل مكان وجانب وفج، فما شعروا إلا بالقرمطي قد خرج عليهم في جماعته يوم التروية، فانتهب أموالهم واستباح قتالهم، فقتل في رحاب مكة وشعابها وفي المسجد الحرام وفي جوف الكعبة من الحجاج خلقاً كثيراً، وجلس أميرهم أبو طاهر لعنه الله على باب الكعبة، والرجال تصرع حوله، والسيوف تعمل في الناس في المسجد الحرام في الشهر الحرام في يوم التروية، الذي هو من أشرف الأيام، وهو يقول: أنا الله وبالله أنا، أنا أخلق الخلق وأفنيهم أنا ، كان الناس يفرون منهم فيتعلقون بأستار الكعبة فلا يجدي ذلك عنهم شيئاً، بل يقتلون وهم كذلك، ويطوفون فيقتلون في الطواف، وقد كان بعض أهل الحديث يومئذ يطوف، فلما قضى طوافه أخذته السيوف، فلما قضى القرمطي لعنه الله أمره وفعل ما فعل بالحجيج من الأفاعيل القبيحة ، أمر أن تدفن القتلى في بئر زمزم، ودفن كثيراً منهم في أماكنهم من الحرم ، وهدم قبة زمزم وأمر بقلع باب الكعبة ونزع كسوتها عنها، وشققها بين أصحابه ، وأمر رجلاً أن يصعد إلى ميزاب الكعبة فيقتلعه، فسقط على أم رأسه فمات إلى النار ، فعند ذلك انكف الخبيث عن الميزاب، ثم أمر بأن يقلع الحجر الأسود، فجاءه رجل فضربه بمثقل في يده وقال: أين الطير الأبابيل؟ أين الحجارة من سجيل؟ ثم قلع الحجر الأسود وأخذوه حين راحوا معهم إلى بلادهم، فمكث عندهم ثنتين وعشرين سنة حتى ردوه، كما سنذكره في سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وجاء في صفحة 142 من كتاب ( من تاريخ الحركات الفكرية في الإسلام ) كما ذكرت القصة في مراجع أخري ومنها النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة لجمال الدين أبو المحاسن يوسف بن تغري بردي حيث قال :
سير المقتدر ركب الحاج مع منصور الديلمي فوصلوا إلى مكة سالمين فوافاهم يوم التروية عدو الله أبو طاهر القرمطي فقتل الحجيج قتلا ذريعا في فجاج مكة وفي داخل البيت الحرام لعنه الله وقتل ابن محارب أمير مكة وعرى البيت وقلع باب البيت واقتلع الحجر الأسود وأخذه وطرح القتلى في بئر زمزم وفعل أفعالا لا يفعلها النصارى ولا اليهود بمكة ثم عاد إلى هجر ومعه الحجر الأسود فدام الحجر الأسود عندهم إلى أن رد إلى مكانه في خلافة المطيع على ما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى وجلس أبو طاهر على باب الكعبة والرجال منشدا : أنا لله وبالله أنا يخلق الخلق وأفنيهم أنا ، ودخل رجل من القرامطة إلى حاشية الطواف وهو راكب سكران فبال فرسه عند البيت ثم ضرب الحجر الأسود بدبوس فكسره ثم اقتلعه وكانت إقامة القرمطي بمكة أحد عشر يومًا " ، لم يحج أحد منذ سنة سبع عشرة وثلاثمائة إلى سنة ست وعشرين وثلاثمائة خوفا من القرامطة " ثم رد الحجر الاسود بعد 23 سنة بعدما اشتراه الخليفة المطيع لله بخمسين الف دينار. 
ترى اين كان الله يوم هدم و اعتدى الحجاج و ابو طاهر القرمطي ! اين طير الابابيل و حجارة من سجيل !؟
يبقى احتمال ان القران كان يتحدث عن قصة لا علاقة لها بالكعبة و سورة الفيل تشير الى ابادة اصحاب الفيل من دون ان تشير الى مكة و الكعبة و ابرهة و هجومه و انما اتت التفسيرات بعدها بأكثر من 150 سنة ، تاريخيا و اثريا النقوش الأركيولوجيا وهي أصحّ من التاريخ المكتوب وكذلك الأبحاث تشير إلى أنّ أبرهة قام بمهاجمة عرب جنوب الحجاز بين سنوات 540 و 552 ميلادي تقريبا، أي قبل 20 سنة من مولد محمد الذي اتفق المسلمين على ولادته في عام الفيل ! وتاريخ ولادة محمد لا علاقة له بسورة الفيل ، و القران لا يشير الى ولادة محمد في سورة الفيل فيقول: (الم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل) مثلما يقول: (ألم تر كيف فعل ربّك بعاد) ، فهذا لا يعني ان محمد ولد في زمن عاد مثلا ! وقد تكون القصّة اصحاب الفيل أصبحت أسطورة ودخلت في الموروث الشعبيّ بعد مائتيْ سنة ثمّ ربطها الإخباريّون بوقت ولادة النبيّ محمّد لإضفاء بعض المعجزات عليه وعلى الكعبة قبل ولادته وربطها بسورة الفيل في القرآن.
وأبرهة لم يهاجم الكعبة وإنّما توقّف في جنوب الحجاز على مسافة أربعمائة كيلومتر من مكّة ، ونحن نعرف نقوش أبرهة وهي ثلاثة نقوش، الأوّل تحت الرمز CIH 541 وهو نقش بتاريخ 549 ميلادي، والثاني تحت الرمز RY 506 بتاريخ 552 ميلادي، والثالث تحت الرمز Ja 544-547 بتاريخ 558 ميلادي، وعلى الأغلب فإنّ أبرهة توفّي قبل سنة 560 ميلادي، والنقش الذي يهمّنا هنا هو نقش بئر المريغان RY506 المؤرّخ بسنة 552 ميلادي ويشير النقش إلى أنّها الحملة الرابعة لتأديب القبائل العربيّة الثائرة، وكان ذلك في شهر أفريل إثر ثورة بني عامر، ويذكر الأماكن التي خرجت لأجلها هذه الحملة وهذا هو نصّ النقش :
بقوّة الرحمن ومسيحه الملك أبرهة زيبمان ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنات وقبائلهم (في) الجبال والسواحل، سطر هذا النقش عندما غزا [قبيلة] معد [في] غزوة الربيع في شهر "ذو الثابة" (أبريل) عندما ثاروا كل [قبائل] بنى عامر، وعيّن الملك [القائد] "أبا جبر" مع [قبيلة] علي [علا؟ علي؟] [والقائد] "بشر بن حصن" مع [قبيلة] سعد [وقبيلة] مراد، وحضروا أمام الجيش ـ ضد بنى عامر [وقد وجّهت] كندة وعلي في وادي "ذو مرخ" ومراد وسعد في واد على طريق تربن وذبحوا وأسروا وغنموا بوفرة وحارب الملك في حلبن واقترب كظل معد (وأخذ) أسرى وبعد ذلك فوّضوا [قبيلة معد] عمرو بن المنذر [في الصلح] فضمنهم ابنه (عروة) (عن أبرهة) [فعيّنه حاكماً على] معد ورجع (أبرهة) من حلبن بقوة الرحمن في شهر ’’ذو علان’’ في السنة الثانية والستين وستمائة [552 ميلادي].
وكما يذكر هذا النقش فإنّ أبرهة لم يذهب بنفسه وإنّما توقّف على مسافة أربعمائة كيلومتر جنوب مكّة وأرسل بعض الحملات المتفرّقة، هنا وهناك، وأقرب منطقة وصلتها حملته هي قوله : (في واد على طريق تربن) وهو أنّ (تربن) من الممكن أن تكون مكانا يقع على بعد 190 كيلومترا شرق مكّة لكن تظلّ مكّة في كلّ الحالات بعيدة عن حملة أبرهة أركيولوجيّا وقرآنيّا أيضا، كما أنّ أبرهة عاد منتصرا ولم يتعرّض لا لطيور أبابيل ولم يصبح كالعصف المأكول.
من ناحية اخرى ذكر المؤرخ " بروكوبيوس" ظهوره في بيلوز "554 م" وفي القسطنطينية "569 م" وباء الجدري و يرى أ. يوسف أحمد ( المحمل والحج : ص 77) أن هذا الوباء قد جاء من منطقة مجاورة لبلاد العرب عن طريق بعض الطيور وإذا أضفنا لذلك الوباء أن حملة أبرهة هذه قد وقعت في جو شديد الحرارة ربما كان في شهر تموز ، أمكن لنا عندئذ أن نتفهم الظروف الموضوعية لهزيمة حملة "أبرهة" على مكة , وعودة "أبرهة " إلى اليمن مهزوما/ مريضا ليموت هناك كما تذكر الروايات الاسلامية وذلك بعيدا عما شاع بين العرب بعد ذلك عن قتال الله مع أهل البيت والذي كفاهم مؤونة عدوهم وردده القرآن بعد ذلك كصدى للدعاية الدينية السياسية لقريش وكعبتها .
ان اسطورة اصحاب الفيل لها اثر تاريخي استمدت منه فمن المعروف أن الملك الفارسي "قمبيز الثاني" لما غزا مصر حوالي "525 ق.م" قد وجه إحدى حملاته لهدم معبد الإله المصري "إمن" بواحة سيوة الواقعة في بيئة صحراوية قاسية أيضا "صحراء مصر الغربية , نظرا لما رآه قمبيز في هذا المعبد كمصدر لنبوءات لم تعجبه ولعدم الاعتراف به سيدا على مصر, ويذكر لنا هيرودوتوس أن حملة "قمبيز" هذه قد هبت عليها عاصفة رملية شديدة أفنت هذه الحملة عن آخرها، ولم يرجع منهم احد ، يكتب هيرودوتوس:" رياح عاتية انطلقت من الجنوب تتقدمها سهام من الرمال، اغرقت الجنود تماما وابتلعتهم ولم تبقي منهم اثر". والمعبد الذي بقي صامدا، لاشك ان كهنته كانوا على ثقة تامة ان الاله المصر قد حماهم، فذاع صيت المعبد الى درجة ان صيته الإسكندر المقدوني حرص على زيارته للتبرك به بعد غزوه لمصر(332 ق.م) ! و انتشر بينهم انه ( لقد كان لمعبد سيوة رب يحميه !؟) من هذه الأمثلة نفهم أن عقلية الإنسان القديم و خاصة العربي كانت تنظر للأمور العظيمة بحسبانها أعمالا جبارة من صنع آلهة خفية.
اما انسان العصر الحديث والذي تفصله عن هذه العصور البعيدة مئات السنين والذي يعيش في زمن الثورة العلمية RY506 المؤرّخ بسنة 552 ميلالهائلة حيث يمكن تفسير الظواهر الطبيعية بردها لأسبابها الموضوعية الغيبية , ليس مضطرا لأن يعتقد الله هو الذي أنقذ الكعبة من أبرهة إلا بقدر اعتقاده في آمون هو الذي أنقذ معبده من قمبيز!
.
لاحظ نقش بئر المريغانادي في الصور.