الجمعة، 4 نوفمبر 2016

نص للصديقة امال الساعاتى بعنوان "بقية الجكاية "


بقية الحكاية 

       تلبية لطلب متكرر من الاصدقاء الذين يودون إستكمال الحكاية ،http://na3ema.blogspot.com/2016/09/blog-post_25.html "عارفة يا امال انا اتجوزت ابوكى وانا عندى كام سنة ؟؟"  ها هو جزء آخر منها ولكنه ليس أخيرا، لم تعينني شجاعتي على كتابته فاستعرت صفحة من مذكراته، أعتقد أنه أقدر مني على استكمال قصته..

       لم أنتبه لوحشة السكون الطاغية آنذاك وأرجعتها إلى تأخر الوقت وسكون الليل في هذا الوقت من العام ..
طرقت باب الدار بعد منتصف ليلة خريفية بساعتين ربما أو أكثر، طرقت مرات ومرات ولا مجيب إلا دقات قلبي الواجف، ثم سمعت همهمة ضعيفة غير واضحة، ثم عاد السكون المطبق.
عاودت الطرق أسرع وأعلى ربما يتغلب على نوم أهل الدار أو يتغلب على صوت قلبي الضاج في صدري يكاد يثب من مكانه.
همهمة أخرى ميزت فيها بحة صوت أبي فقلت في لهفة:"أنا محمود يابويا"
سمعت حركات سريعة، ردت الروح في صدري، فتح الباب..
من هذا الشاب الضخم الوسيم؟ أهذ أخي الطفل؛ حسني؟
إرتمي في حضني أو ارتميت في صدره أحضن كل أهلي، ثم انتبهت، أهلي!! أين الجميع؟لم لم يخرجوا جميعا لاستقبالي؟
ومن وراء كتفي حسني العريضتين لمحت البهو، أين أنا؟
أين بيتنا العطر برائحة خبز أمي وطعامها ورياحينها وزينتها من هذا الخراب أمامي؟ بل وأين أمي نفسها؟ أين أهلي؟ أين عروسي؟ من هذا الشيخ الضعيف العاجز المشلول الملقى على طرف الفراش؟ أين أبي ذو البأس والهيبة؟
ركعت تحت قدميه أتلمس جسده العاجز علني أشاركه العجز أو يشاركنى البدن الصحيح، ثم تساءلت أين أمي؟
فكانت في دموع أبي لوعة الإجابة..
شل أبي بعد سجني بشهور،
ماتت أمي بعد سجني بسنة،
طلقت زوجتي باعتباري مفقود بعد أربعة سنين وتزوجت وصارت أما.
وهأنذا أجلس وحيدا، مهزوما، مسجونا خارج سجوني، مطرودا حتى من رحمة النسيان.
الإسكندرية 2 ديسمبر 1964
من مذكرات محمود الساعاتى