الجمعة، 26 أبريل 2013

رحلة الشتاء والصيف



رحله الشتاء والصيف

أحب فى القرآن سوره قريش "لإيلاف قريش إيلافهم رحله الشتاء والصيف، فليعبدوا رب هذا البيت الذى أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف". أحبها لقصرها وتركيز معانيها وإيقاعها الشعرى كما أحب الغموض فى بدايتها والسكينه الساكنه فى ختامها "وآمنهم من خوف". قال الطبرى فى شرح الآيه: حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ) قال: كانت لهم رحلتان: الصيف إلى الشام, والشتاء إلى اليمن في التجارة. لهذا كنت أعجب لماذا لم يستخدم القرآن المثنى "رحلتا أو رحلتى" (لاأدرى أياً منهما أصح إعراباً) الشتاء والصيف ؟ ثم عرفت السفر وعلمت من حال المسافر أن الرحله واحده وإن تعددت الأسفار، وإنك إن إشتقت للسفر عندما تعود فإنك لم تعد بعد. وفهمت مغزى الطرفه الدانمركيه عن الرجل الذى قدم لشباك التذاكر فى محطه القطار وقال للموظف "تذكره ذهاب وعوده من فضلك" سأله الموظف: "إلى أين؟" قال الرجل: إلى هُنا طبعاً.... فعلاً.. أهم من جهه السفر أن تعرف إلى أين ستعود، إلى هنا طبعاً.. ولكن أين  توجد "هُنا"؟

     فى غربتى أعمل كطبيب متخص فى نوع نادر نسبياً من الأورام يصيب الأطراف وقد ينتهى ببتر الطرف المصاب. يعانى معظم مرضاى من حاله تسمى آلام الشبح يشعر فيها المريض بآلام فى الطرف المبتور الغائب. آلام مصدرها العقل الذى يظل محتفظاً بصوره وإحساس الطرف المبتور. كثيراً ماأرى من مرضاى من تمتد يده لاشعورياً لتلمس الطرف المبتور فى محاوله للمسه وتخفيف الألم فتلمس الفراغ وترتد إلى الوراء. فى غربتى أعمل، ثم أعود إلى الوطن فى الأجازات وقد غلبنى الحنين وآلمنى البعاد، ألم يشبه آلام الشبح للطرف المبتور.... أعود لأتحسسه... فلا أنا أجده ...ولا هو يكف عن إيلامى. رحله الشتاء والصيف

هذا الكلام الجميل كتبه الصديق اكمل صفوت