الخميس، 30 أبريل 2015

مرحلة ما بعد خلع الحجاب للصديقة حفصة محمد منشورة فى مدونة الناس والعالم

Thursday, April 30, 2015

مرحلة ما بعد خلع الحجاب




في مرحلة مهمة اوي بتعدي بيها بنات كتار بعد ما بيقلعوا الحجاب، عند البعض بيكون الموضوع عادي، بس لاحظت اغلبية بيكون حاصلهم زي ما نقول صدمة بصرية انها لسه متعودتش على شكلها من غيره خصوصا لو كانت لبسته من صغرها او لفترة طويلة، عن نفسي جربت اقلعه كذا مرة قبل ما اقرر اني فعلا حخلعه للابد ، اول مرة خلعته كنت مسافرة و مكنتش حابة اني اتميز وسط مكان غريب عني، و قلت برضو وقتها حجرب نفسي، اول صراع بيكون مع النفس، انهيه بعدين واجهي الناس، الباقي سهل
اول مرة خلعته كنت مخضوضة، كنت حاسة اني مش عارفاني، طبعا انا كنت بخلعه جوا البيت, بس فكرة اني مش مغطية شعري.
برا البيت كانت مرعبة، ازاي معرفش، بس كانت مرعبة، انا لبست الحجاب و سني 13 سنة، او 14، و خلعته و انا 31، عمر بحاله يعني، اجمل سنين عمري خفيتها تحته. 
لما اتعودت كذا مرة اخلعه حتى لو لايام معدودة، كسبت صراعي الداخلي، و ده كان بالنسبة لي مهم جدا. 
المرحلة اللي بعد كدا هي اللبس، ممكن تعدي عليكي فترة سنة او اكتر كمان مش حتلاقي اي تغيير جذري في لبسك، اكنك بس خلعتي طرحة، و ده عادي، بس حتلاقي نفسك بتقولي الله، هي الحكاية حتة قماش على راسي، اه، هي تقريبا كدا، و في اوقات كتيرة البنات بتستسهل و ترجع تلبسه تاني. 
ما بين ان اسلوب لبسك ممكن يتغير او يفضل زي ما هو، دي حريتك الشخصية، بس جربي تغيري ستايلك، مش بقول قصري جيبتك او البسي ضيق، كل واحدة تلبس اللي تحبه، انا بقول جربي حاجات مكنتيش تقدري تلبسيها عشان كنت محجبة، يمكن انا بقول كدا عشان وقت لما اتحجبت سنة 1990 مكنش فيه لبس محجبات اساسا غير نادر و كنت بعاني و مع ذلك كنت ملتزمة، بلوزات واسعة و طويلة، بنطلونات واسعة، كله كم طويل، مافيش حاجة اسمها كارينا، ولا حجاب النص كم لا مؤاخذة، كنت ماشية زي الكتاب ما بيقول.
حاجة تانية مهمة، الشعر، سواء خلعتي الحجاب عشان تظهريه او عشان مش مؤمنة بالفكرة كفكرة، حتلاقي صعوبة فيه، متخيلة يعني ايه شعرك بيتغسل و يتلم و يتغطى لسنين و فجاة مطلوب منك تهتمي بيه و تظهريه في احسن صورة مقبولة
طبعا مش كل يوم حنروح للكوافير، و اول فترة حتكون تحدي كبير ليكي، سواء شعرك ناعم او خشن، عندك وحش لازم تروضيه، ايوة وحش، ممكن حتلاقي نفسك في مرحلة انتقاليه بتاعت اللبس، لمدة سنة او اتنين، بتلميه ديل حصان و خلاص، متياسيش، دلوقتي منتجات العناية بالشعر من سشوارات و اكسسوارات و شامبوهات و خلافه قد الهم عالقلب، جربي، حاولي كل شوية حاجة مختلفة لغاية ما تشوفي ايه يناسبك، مقدرش اقول ان الدنيا رخيصة و سهلة، بس مليان تجارب و طرق نقدر نهتم بيها بشعرنا. 
اخر نصيحة، متنسوش الحلقان، اول فترة بعد ما قلعت الحجاب، زي ما يكون عندي جفاف من الحلقان، كنت بجيب اي حلق تقع عيني عليه، كنت حاسة اني لازم اعوض ودني باكسسوارات تحليها، زي ايدي و صوابعي، بعد الودان، الرقبة، حلق بسيط و عقد لطيف بيغيروا في الشكل و ينوروا الوش. 
خلونا نساعد بعض و نتعرف على حلول عملية و بسيطة تساعد كل واحدة تتكيف مع المرحلة الانتقالية اللي بتمر او حتمر بيها.
المهم
- متخافيش من نفسك.
- متيأسيش.

الأربعاء، 29 أبريل 2015

ابحث عن حلم لى


للصديقة خلود سيد 

السماء واسعة، أجل أدرك ذلك جيداً، ولكن الأرض من تحتها أضيق ما تكون، ما فائدة وسع السماء إذن ونحن نملك أقداماً لا أجنحة!

نظرة متشائمة للأمور أعلم، ولكن الأمل قاسٍ حين يخذلنا ويتركنا نبكي مرتين، مرة من الخذلان ومرة من هول الأمل.

أعترف، أنا من ذلك النوع الذي يتوقع أسوء ما يمكن أن يحدث قبل أن يتوقع أفضله، لم أكن كذلك ولكني صرت.

صار الأمل رعبي القاتل وتوقع الأسوء هو الأمان بالنسبة إلي في عالم لا يحمل الغد معه إلا قليلاً من الخير وكثيراً من الضياع والموت.

أفتقد تلك الأيام البعيدة، يوم كنا متفائلين حدّ السذاجة، نحمل حلم تغيير  ذلك العالم للأفضل.

الآن مهما حاولت أن أجد حلماً لي يسارع بالهرب، يندثر إلى أشلاء صغيرة، وصدى أصوات تحاصرني: “لن يسمحوا لكِ بذلك”، “سيقتلونك قبل أن تحاولي”، “لن تدوم حريتك طويلاً”، “لن يطول عمرك كثيرا”.

أسفه لا أريد أن أبث سلبيتي في من حولي، أحاول فقط أن أشرح لكم لعلني أفهم تلك المعضلة، كيف يمكن للإنسان أن يعيد إحياء الأمل بعد أن مات فيه؟!

أتذكر يوم  كتب لي أحد أصدقائي على “تي شيرت” تخرجي: “إلى القائد الأعلى للحلم”، سعدت كثيراً يومها، طار قلبي فرحاً، ربما رأى فيّ ذلك يومها حقاً.

ربما كانت لدي أحلام لا حصر لها في تلك الفترة، ثم رحلت جميعها وتركتني تائهة، أصارع اليأس بكل قوتي كل يوم في ذلك الوطن البائس والواقع التعيس!

أخبروني، أيمكنني حقاً أن أستعيدها، كيف يمكن للإنسان أن يبحث عن أحلامه وهو لا يملك الأمل في الحياة؟!

ثم إنه لم تعد تفارقني فكرة الموت، ترافقني ليل نهار، أيجتمع النقيضان، الحلم ببناء حياة والموت الذي لم يعد  يفارق عينيك لحظة!

أجد الكثير من اللوم ممن حولي: “لا تكوني كذلك، اخرجي مما أنت فيه، جدي سبيلاً للسعادة”، ولا سبيل مهما حاولت.

أيدركون أنني أحاول كل يوم، أحاول الحياة، أحاول إيجاد معنى لها وفائدة منها، وما ألبث حتى تسبقني صفعة تعيدني إلى المكان ذاته مجدداً.

أعلم أنه عليّ إيجاد طريق لي بنفسي، ولكن أحتاج إلى بعض الأمل، أحتاج إلى التخلص من عقدة الذنب، ذنب الحياة في حضرة الموت، ذنب الأمل في حضرة اليأس، ذنب السعادة في حضرة الظلم.

أنا حقاً لا أريد الموت قبل أن أحاول أن أحيا وأعلم أن هناك كثيرين مثلي، لكننا كلما استيقظنا محملين بالأمل والحب، عدنا إلى النوم آخر اليوم محملين باليأس والحزن والقهر، ولا عزاء لنا سوى الصبر ورحمة الله والأمل فيه وحده جلّ علاه.

أصدقائي الأعزاء؛ حاولوا أن تنقلوا لي جزءاً من طاقتكم الإيجابية من دون أن تأخذوا شيئاً من سلبيتي، أتمنى ذلك من القلب!

الاثنين، 27 أبريل 2015

اكمل صفوت يكتب عن الهويه والاسلام


عندما تركت مصر في 1991 للقيام ببعض الأبحاث العلمية الطبية في الدنمارك، كنت قد تزوجت حديثا، ولم يكن لي أطفال بعد، وكنت أعتقد أني سأغيب عن مصر لمدة سنتين فقط، غير أنني بعد حوالي تسع سنوات من الغربه، أدركت أن الدنمارك قد أصبحت بالفعل بيتي الثاني، فآثرت الاستقرار هناك.

عندما كان عمر ابنتي الأولى حوالي 10 سنوات، سألتني: ما معنى “مهاجرو الجيل الثاني”؟ كنا لحظتها نشاهد التلفزيون، وبدون تركيز في الدلالة السلبية السائدة في الإعلام لهذا المصطلح، أجبتها: “الدانماركيون غير الأصليين، مثلك أنت مثلا، أنتِ مهاجرة من الجيل الثاني”.. أجابتني في فزع: “غير صحيح.. لا.. هذا لا ينطبق عليّ!”

فجأة أدركت الفارق بين صورة ابنتي عن نفسها وبين التصنيف الذي صكّه المجتمع الدنماركي لها، وأيقنت أن الوقت قد حان لأتكلم مع ابنتي في الموضوع.. موضوع الهوية، وليس موضوع التزاوج.

استلهمت حديثي مع ابنتي من الشاعر الفلسطيني محمود درويش، حينما قال: “الهويّة هي ما نورّث لا ما نرث.. ما نخترع لا ما نتذكر”.

أحب هذه الرؤية لأنني في تلك الأثناء كنت قد إكتشفت ما تمثله تربية الأطفال وسط الثقافة الإسكندينافيّه من تحدٍ لكثير من العادات والطقوس والتقاليد التي نمارسها أنا وزوجتي المصريّه بشكل تلقائي وبدون تفكير.

ما الذي نحب أن نورّثه لابنتينا، وما الذي لا نرجح التمسك به.. قضيه تحولت إلى سؤال حاد ووجودي في آن واحد.

أظن أن هذه الاختيارات هي ما تبني هويّة الإنسان.. الهويّة من هذا المنطلق موقف أخلاقي أيضاً، لأنها تضع في الاعتبار “الآخرين” في حياتنا.

لهذا أعتقد أن الهويّة لا تتحدد مسبقا بالجنسيه أو الدين أو الثقافة، لكننا نكوّنها من خلال الطريقة التي نختار بها ممارسة أيٍ من الثلاث.. مثل محمود درويش، أنا أؤمن أن هويتنا هي ما نصنع اليوم من أجل المستقبل.. الهوية هي تعريف للحاضر، وليس للماضي.

هذا التناول مختلف عن التناول السائد حاليا.. هذا تناول يتحدى الاعتقاد بأن الهويّة تقبع في مكان ما في الماضي.. محميّة، غير متأثرة بأي مواقف أخلاقية آنيّة، وأن الهويّة تكمن في جذور الإنسان، مجمدة، محفوظة، كاملة، غير ملوثة بأي تأثير خارجي، وأن كل ما على الإنسان هو أن يحفر بعمقٍ كافٍ في الماضي ليستخرجها ويعيد استخدامها.

الذين يفكرون بهذه الطريقة يرون هويّتهم الوطنية تحت نفس الضوء.

بعد سقوط مبارك كانت هناك محاولة لكتابة الدستور المصري، وفي خلال هذه العملية ثار نقاش حول “الهويّة المصرية”.. هل هي أفريقيّة؟ عربيّة؟ بحر أوسطيّه؟ أو هل لمصر هويّه فرعونيّه خاصة بها؟ هل هي دوله مسلمة بها أقليّه قبطيّه؟ أم يمكن أن تكون دولة تعدديّه علمانيّة؟ وفي هذه الحوارات كان المتحاورون يرجعون دائماً إلى نقطهٍ ما في الماضي.. فرعونيّة كانت أم إسلاميّة، ليجعلوها نقطة الارتكاز والمحور وما يخالفها يتم نفيه وإقصاؤه.

نفس السؤال مطروح اليوم في الدنمارك: ما هي الهويّة الدنماركية؟ ونفس التحيزات والإطارات الذهنيّة تتسيد المناقشة.

الماضي يتم إستدعاؤه ليحدد أطُر النقاش، وليس هناك كلام عن الحاضر أو المستقبل.

أدخلت هذه الاعتبارات في حواراتنا العائلية مع إبنتينا عن الميراث الثقافي المصري وكيف يناسب حياتهما كمواطنتين مولودتين في الدنمارك، وكلمتهما أيضا عن الإسلام لأنني مؤمن أن ديننا بإمكانه المساعدة في الرد على أسئلة الهويّة بالنسبة للمسلمين الشباب في الغرب.

السؤال هو أي إسلام؟ وأين نجده؟

لم ارسل إبنتاي إلي مدرسة قرآن، لأن الخطاب الإسلامي في هذه المدارس يسيطر عليه منهج وهابي سلفي أرفضه، ولأنني أعتقد أن هذه الأيديولوجية الوهابيّة السلفيّة التي تصدرها السعودية ستفاقم أي أزمة هويّة بدلا من أن تكون جزأً من الإجابه.

هذا الشكل من الإسلام السني يفسر النصوص الدينية تفسيرات حرفية بدون أي إطار تاريخي، وكأن معاني الآيات بيّنة من ظاهر النص فقط وثابتة لا يمكن فهمها أو تأويلها بطرق مختلفه.. يتم تلبيس هذه الآيات القرآنية تفسيرات صماء ثابتة لفقهاء فارقوا عالمنا من مئات السنين.. هذه التفسيرات كلها من صنع بشر، لكن يتم تقديمها إلى الشباب من المسلمين، وكأنها “القصد الإلهي” الحقيقي والثابت والوحيد لكي تصبح معصومة من النقاش.

ليس معنى هذا أن الوهابية السعودية هي الرواية الضيقة الوحيدة للإسلام، لكنها بالتأكيد الأكثر شيوعاً في الدانمارك، كما أن خبرتي السابقه والحاليه من مصر تؤكد شيوع نفس المنهج بدرجات مختلفه من التشدد وسط الناس وفي الفضائيات، كذا داخل وخارج المؤسسات الدينية للدولة.

هذه الرواية السامة للإسلام يتم تقديمها إلى شباب المسلمين في بلادنا الإسلامية وفي أوروبا، وكأنها الطريقة الوحيدة ليكون الإنسان مسلماً حقيقياً، وبالتالي فلو أن هذه التفسيرات تسمح بالعقوبات الجسدية أو زواج الأطفال، فإن عليك أن تقبل بهذا كفعل أخلاقي مقبول، حتى وإن كانت تتعارض مع الفطرة أو العرف أو العلم أو مجموعة القيم الخاصة بك., يدرّس الأئمة الوهابيون للشباب أن قبول هذه الفظائع بدون انتقاد يمثل قمة الإيمان بالله والتسليم بمشيئته.

تحت وطأة ضغط الأنداد وإرهاب سلطة الأئمة، يمحو هذا التلقين كل فكر نقدي أو فطرة داخلية طبيعية.. عندما يبحث الشباب عن هويّة في هذه الأيديولوجية الوهابيّه ينتهي بهم الأمر في نزاع مع قيم المجتمع المعاصر الذي يعيشون فيه، وهذا وضع يهمشهم ويعزلهم ويقصيهم، وفي أحيان كثيرة يؤدي بهم إلى الإرهاب والتطرف.

المشكلة هنا أن هذا الخطاب الوهابي يعاد إنتاجه بالبترودولار السعودي الذي لا ينضب في شكل مطبوعات منخفضة السعر وعلى الإنترنت وفي مئات التفاصيل التي تملأ الحياة اليوميّة للأفراد حتى إنك لتجد الأئمة في الجوامع المحلية في بلد مثل الدانمارك يروجون لهذه الأفكار ويدعمونها، كذلك للأسف يحظى هذا الصنف من الإسلام دونا عن غيره باعتراف ودعم من الحكومات الغربية! البعض يغض الطرف عما يمثله، والبعض الآخر يستشعرون خطأ ما، لكن يتم إقناعهم بقبول الوهابيّة السعوديّة بصفتها الإسلام الحقيقي الأوحد، وذلك حتى يتم ضمان حصة البترول التي يحتاجونها، ومن سخرية القدر أن بعض هذه الدول بدأت في التعاون مع السعودية في محاربة داعش ومن أجل إقتلاع الإرهاب والتطرف!

لكن لايزال هناك أمل، قد يستحوذ الوهابيون على المشهد الرئيسي، لكن في هذه الأثناء هناك حركة من المسلمين التقدميين، حركة صغيرة، غير أن جذورها تنمو بثبات بالأخص بين مسلمي الشتات في الغرب.. يكوّنون منظمات مثل “بريطانيون مسلمون من أجل الديمقراطية العلمانيّة”، و”مسلمون من أجل قيم تقدميّة” في الولايات المتحده الأمريكيه، و”شبكة المسلمين الليبراليين” في النرويج، لمواجهه الرواية الوهابيّة الأصوليّة المتطرفة.

الفارق الرئيسي يكمن في قراءة الإسلاميين التقدميين للقرآن من زاويه أخلاقيّة ذات أُطُر تاريخيّة. يستخدمون فقه إسلامي متين مستلهمين ريادة مفكرين إسلاميين أغلبهم معاصرين مثل نصر حامد أبو زيد وعبد الله النعيم وخالد أبو الفضل وأمينة ودود وغيرهم لتقديم تفسيرات متناغمة مع أسئله وتحديات العصر الحديث.

رد المسلم التقدمي علي سؤال الهويّة سنجده في كتاب العالم خالد أبو الفضل (UCLA) “مكان التسامح في الإسلام”، حيث يقول: “القرآن يأمر الإنسان بفعل الخير، لكنه لا يحدد دائماً ما هو الخير، وهي ليست صدفة أن اللفظ القرآني المستخدم للتعبير عن “الخير” هو “المعروف” أي ما هو معروف إنه خير.. الخير في الخطاب القرآني بالتالي حقيقة معاشة، ثمرة الخبرة الإنسانية ومفهوم نبنيه لما هو طبيعي.

المسلمون التقدميون يدفعون بأن فهم القرآن من منظور أخلاقي إجتهاد يدعونا اليه القرآن نفسه حين يقول: “الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب” (الزّمر)، حيث كلمة “القول” في الآية السابقه فهمها كثير من العلماء القدماء والمعاصرون على أنها إشاره إلى القرآن أو إلى أي نقاش أو جدل فكري بين المسلم وعالمه.. المعني الذي يشير إليه القرآن إذاً هو: سواء كان المسلم يتدبر نص قرآني ديني أو قضيه دنيوية كحقوق الإنسان مثلاً، فعليه أن يحكّم عقله وحسّه الأخلاقي لكي يمكنه أن يختار وأن يتبع من التفسير “أحسنه”، ومن المواقف الإنسانيه أرقاها ومن الطرق أخيرها.

من هذا المنطلق، نحن، المسلمون التقدميون ندعم حقوق الإنسان للجميع رجالا ونساء بغض النظر عن الدين والعرق، وندعم الحقوق المدنية للمثليين وأصحاب التوجه الجنسي المغاير ونرفض فكرة أن أحكام الشريعة يمكن أن تفرضها سلطه حاكمه أو أنها غير قابلة للتعديل.. نساند العلمانية الإجرائية بمعنى فصل الدين عن الدولة ونعارض الإعدام.

وبسبب أن الهويّة هي عبارة عن قيم ومواقف أخلاقية، أعتقد أن المنهج الذي يقترحه المسلمون التقدميون بإمكانه أن يكون مصدر إلهام للشباب المسلم، وهم يستكتشفون أسئلة الهويّة، حيث إنه منهج  يبحث عن روابط بين الميراث الثقافي الديني وبين الحياة المعاصرة ويساعد على بناء هويّة متعددة الثقافات.. هويّة إنفتاح وتسامح.

ابنتي الكبرى سنها الآن 23 عاما.. تدرس اللغة السانسكريتيه في جامعة كوبنهاجن، لتضيف لنفسها لغة رابعة وزاوية جديدة تستكشف بها نفسها والعالم، وفي هذه الأثناء مازال الإعلام الدنماركي يخترع مصطلحات جديدة ليصف بها أمثال ابنتي وأختها الصغرى من أبناء المهاجرين، لكن المهم، أنه أياً كان المصطلح الذي يطلقونه، فإننا لم نعد نحتاج لكلام في موضوع الهوي

الأحد، 26 أبريل 2015

رضوى عاشور التى لم ترحل

هذا ما كتبته الصديقة خلود سيد عن الفقيدة العزيزة رضوى عاشور " رضوى عاشور " التي لم ترحل .. " رحم الله الصادقين الطيبين " هكذا تقول صديقتي دوماً .. لأردد خلفها " وجعلنا منهم ".. تلك الكلمات القليلة التي نرثي بها الارواح الطيبة , لتختصر حزن فقدانهم وقسوه الحياه بعدهم وفقدانها للصدق والطيبة . رحم الله "رضوى عاشور" الصادقة التي لم تترك خلفها الا الكثير من الحب الذي لا يمكن اختصاره في بضع كلمات .. رحلت رضوى ولم يكن التوقيت مناسباً في حياة أي أحد ، لم يكن هناك متسعاً لوجع جديد لا ينتهي .. كل الافكار العابرة فجأة تصير واقعاً فتقف مشدوهاً لا تريد أن تصدق حتي لا تموت قهراً .. تصدق .. ولكنك لا تموت وكأن الموت رفاهية صعبة المنال .. لم أتوقع أبداً أن أحزن كل ذلك الحزن علي " رضوى " التي لم ألتقي بها أبداً .. وقرأت لها مثل غيرها من الكُتاب ولكنها مختلفة جداً .. فقد أحببتها من أعماق قلبي كلما عرفت عنها أكثر . كان حلمي أن ألتقي بها لمرة .. ألتمس وجودها ، أحتضنها ، وأخبرها بأنها حُلم تجسد في بشر .. أي جمال يمكن أن يتجسد في أنثى هادئة الملامح ، لا يزيدها الكبر إلا جمالاً فوق جمالها .. " رضوى " دافئة .. عيناها حنونة إلي حد بعيد .. تراها في صورة لها تبتسم ، فيبتسم قلبك وكأنها تبتسم لك .. كلماتها تلمس تلابيب قلبك .. فترتعش ، حكياتها مُرة ، مليئة بالحب والألم .. كلما قرأت عنها أو لها أردت أن تبكي ..فلا يسعفك البكاء . كلماتها لا تُنسى أبداً تحملك إلى ذلك المكان الذي تفضله ، تشبهك إلي ذلك الحد الذي تبحث بينها عن نفسك .. " رضوى " الحلم والامل ، " رضوى " الحرية والانسانية ، " رضوى " أماً لنا بشكل أو بأخر ، هي وطن الحالمون الدافئ .. وهي يقيننا بأن " للغرباء " على هذه الأرض مكاناً .. " رضوى عاشور اقتراح بوجود بشر أحسن " هكذا قال " تميم البرغوثي " عن أمه .. وهكذا هي بحق ..تشبه جيلنا هذا إلى الحد الذي تنسى معه فرق الاجيال بيننا وبينها .. سبقتنا للحلم بالحرية بأكثر من أربعون عاماً .. وحلمت بالثورة قبلنا جميعاً ووقفت في وجه طاغية تلو الأخر ، فنالها من الأذى ومن الشتات لعائلتها الصغيرة مالا يتحمله أحد . " رضوى عاشور " التي أثقلتنا يوم رحلت .. وتركت لنا " أثقل من رضوى " ليكون ميراثً لنا .. " أثقل من رضوى ماتركتنا له وما تركته لنا " كما قال " مُريد البرغوثي " زوجها ورفيق دربها . تركته ليكون أمانً لنا من اليأس وعصمتنا من الانكسار .. تنهيه بوصية تغلفها لقلوبنا بحرص فتقول رضوى .. " لماذا لا أقول إننا كل أسرتنا ، لا أعني أنا و مُريد وتميم وحدنا ، بل تلك العائلة الممتدة من الشغيلة والثوار والحالمين الذين يناطحون زمانهم ، من حزب العناد نمقت الهزيمة ، لا نقبل بها .. فإن قضت علينا نموت كالشجر واقفين ، ننجز أمرين كلاهما جميل : شرف المحاولة وخبرات ثمينة ، تركة نخلفها بحرص إلى القادمين " ثم تستدرك كلامها " هناك أحتمال أخر لتتويج مسعانا بغير هزيمة ، مادمنا قررنا إننا لن نموت قبل أن نحاول أن نحيا " " رضوى عاشور " التي لم ترحل .. كانت سنداً لنا وجزءاً منا ولازالت .. تمنيت أن تقرأ ولكن قلبي يثق إنها تشعر ، وأن الحب الذي تركته خلفها سيكون أنسً لها في عالم الوحدة ، لا وحشة مع الحب يا رضوى . خلود سيد

الأربعاء، 8 أبريل 2015

متى تغضب الالهه




متى يغضب الإله ؟



منذ عده سنين ضوئيه لاأعرف عددها كنت أعمل نائبآ للأشعة العلاجية فى معهد الأورام القومى. 
أذكر يومآ جاءتنى فيه مريضه سرطان ثدى "لإعاده التخطيط" وهو إصطلاح معناه أن نعيد رسم الخطوط والعلامات التى نرسمها مباشره على جسد المريض لكى ترشد فنيي الجهاز الإشعاعى عن كيفيه إعطاء العلاج بالشكل الصحيح. 
بينما كنت أقوم بذلك بالشكل الروتيني البارد المألوف لاحظت أن المريضة تبكى فى صمت. إرتبكت قليلا ثم سألتها
"مالك ياأمى ، فيه حاجه وجعاكى"؟ 
هزّت رأسها بالنفى فى صمت غير أن المرافقه أجابت بالنيابة ،
"أصل جوزها إتجوز عليها"

 فى الدقائق التى تلت علمت قصتها كامله، معاكساته الأولى لها فى طريقها للمدرسه فى الزقازيق، تفضيلها له على إبن خالتها، الإنتقال للقاهره، فشل المشروع الأول وشظف العيش، السفر للخليج، طفلهم الأول ذو الإعاقة، سهرها وحدها على مشروعهم فى مصر والأولاد الذين توالوا. اليسر بعد العسر، ثم قبل إستقرار الحال يأتى السرطان وشبح الموت والآن .. الزوجه الثانيه.   

فيما يبدو أننى لم أستطع إخفاء ألمى وإستيائى من تصرف الزوج. فأستطردت المرأه تبرر سلوك زوجها وسط دموعها بينما ترتدي ثيابها البسيطة. 
"ماهو برضه معذور يا دكتور ماأنا ماعدتش أنفعه..  وبعدين هو بيقول إنه من حقه... الشرع بيقول أربعه... صحيح... الراجل ماعملش حاجه تغضب ربنا"..

القهر فى بلادى طبقات..."كظلمات فى بحر لجى يغشاه موج ، من فوقه موج ، من فوقه سحاب، ظلمات فوقها فوق بعض"..... الحكومة تقهر الجميع ، وللفقراء تضاف طبقه وللمرضى طبقه وللأقليات طبقه وللنساء طبقه ثم فوق هذا يأتى القهر الناتج من تصوّر أن المتسبب  ماعملش حاجه تغضب ربنا" .

 منذ سنوات دراستى الجامعيه لا أذكر أنى دخلت نقاش من أى نوع يخلو من مصطلح "الحلال والحرام" . هل الإختلاط حلال؟ هل معاهده السلام مع إسرائيل حلال؟ هل زراعه الأعضاء حلال؟ هل قسط التلاجه حلال؟ 
المجتمع كله صار مشغولآ بتتبع الحلال وتوصيفه ونسينا أو تناسينا أن نتدبر ماهو الصواب ، ماهو الأصلح وماهو الأخلاقى..

تذكرت هذا الموقف وأنا أتابع النقاش الدائر حول الحد العمرى الأدنى لزواج الفتيات.
حيث الإسلاميين -والأزهر- لا يروا بأساً من عدم وضع حد أدنى لزواج الفتيات ولاحتى إشتراط البلوغ  تمشيآ مع رأى قدامى المفسرين للفظه " واللائى لم يحضن" فى الآيه الرابعة من سوره الطلاق وبالتالي -ومن وجهه نظرهم- الزواج من الأطفال "حلال".....! 

للآيه السابقه تفسيرات أخرى أكثر مواءمه لروح العصر وأكثر إنسجامآ مع روح القرآن الإنسانيه المتجددة  مما ستجده فى إبن كثير أو الطبرى. لهذا يكون الإصرار على تفسيرات بعينها غيرمفهوم. 

ولكنى أسأل حتى لو أن زواج الأطفال كان حلالآ يمارس وقت إبن كثير ، أيجعله هذا صوابآ الآن ؟ أيجعله مقبولآ من الناحية الأخلاقيه والإجتماعيه والإنسانيه؟ أيجعله مناسبآ؟ 

أليست الإعتبارات الأخلاقيه والإنسانيه كافيه أم أننا حقآ بحاجه أن نجهد أنفسنا لكى نجد مبررآ شرعيآ للإنسانية؟

أنحن بحاجه أن ندافع عن أنفسنا حينما نحاول أن نحافظ على تقنين ماهو معروف بالفطرة ومقبول بالعرف ومؤيد بالعلم.

الحلال والحرام ليس هو الصواب والخطأ وليس كل حلال صائب ولا كل حرام خطأ. وكما أن للقوانين "روح" هى تحقيق العدل فإن لأحكام الدين روح وغايات هى القصد والغايه و إن لم يصاحب إتباع الحلال وتجنب الحرام فهم أخلاقى للغايات ولروح الدين فلن يؤدى إقتفاء الحلال وإجتناب الحرام لصلاح فرد أو إصلاح  مجتمع.

أحقآ يكون زوج مريضتى المسكينه "ماعملش حاجه تغضب ربنا" 
ماذا عن الجحود وخيانه العشره؟، والتخللى عن المسؤليه ؟ ماذا عن إنكار الجميل؟ ماذا عن الأنانيه؟
أحقآ يكون من تزوج من طفله "ماعملش حاجه تغضب ربنا" رغم الإيذاء الجسدى والإغتصاب النفسي، رغم سحق البراءة وقتل الروح، رغم قهر الطفولة، رغم الغلظة، رغم القسوة؟
 

 متى يغضب الإله إذآ؟

سبق نشرها 
من الصديق اكمل صفوت