المجتمع المصري فى ٤٠ عاما
من مراتى مدير عام 1966 الى تيمور وشفيقة 2007
روايتان سينيمائيتان طويلتان تحملان نفس العقدة ولكن شتان مابين الحلين فيهما .........
فهناك تناقض شديد بين مسار حل المشكلة بينهما حيث يظهر بفجاجة الانحدار الكبير فى العقلية ، والتدهور المريع فى العلاقات المجتمعية ، والخلل البعيد فى نظرة الإنسان في مصر لنفسه ولشريكه في الحياة .
كلتا القصتين تعرض مشكلة واحدة إلا وهى العلاقة بين الرجل والمرأة عندما تكون هي اعلي منه منصبا وبالذات لو جمعهما مكان عمل واحد فكانت هى رئيسته في العمل .
في قصة مراتى مدير عام ... كان هناك بعض المواقف الكوميدية والتي تعبر عن بعض الحساسيات البسيطة من تواجد الزوجين في مكان واحد واختلاف منصبيهما ، ولكن الشاهد هنا ان الزوج لم يطلب من زوجته ( مديرة المكان ) أبدا وحتى لم يخطر على باله أن يطلب منها ترك العمل ، ولا هي فكرت في ذلك فقد كان المجتمع كله مجتمع عامل شاعر بذاته وبأهمية إخراج طاقات أفراده من فلاحين وعمال واطباء ومهندسين وغيرهم رجالهم و نساءهم ... ثم كان أقصى ما فعلته الزوجة المديرة أن طلبت نقلها (وذلك بعد موقف سيئ جدا تسبب فيه احد الموظفين عندما أتى بالزوج بالبوليس ليحضر ندوة كانت زوجته ستحاضر فيها )... وبرغم سوء الموقف إلا أن غاية ما حدث مشادة كلامية اعتذر بعدها الزوج ، ولكن فاجأته زوجته وفاجأت الجميع بطلب النقل حتى لا تحرجه .. وكانت المفاجأة الأكبر هي طلب الزوج بعدها مباشرة للنقل لنفس المكان الجديد ليستمر في العمل مع زوجته وتحت قيادتها مبرهنا بذلك على عدة أشياء رائعة أولها قوة شخصيته، وثقته بنفسه ، وثانيها حبه الحقيقي لها وعدم غيرته منها ... وثالثها نظرة المجتمع الرائعة فى هذا الوقت المقدرة لأى كفاءة أيا كان مصدرها .
أما في قصة تيمور وشفيقة فهناك خلل مريع جدا في أشياء كثيرة .... بدأ الفيلم بداية جيدة وكوميدية أيضا بقصة الحب الجميلة بين تيمور وشفيقة ونموهما معا حتى تخرج هو ضابطا وعمل حارسا لكبار الشخصيات .. ثم أكملت هي دراساتها العليا وبتشجيع من حبيبها حتى حصلت على الدكتوراه واحتلت منصب وزاري في سن مبكرة جدا لكفاءتها النادرة ...
ولكن بدأت المشكلة عندما عين تيمور حارسا خاصا لها وهذا أشعره بضآلته المتناهية أمامها !!!!!!!!!
ولكن لماذا ؟؟؟؟؟ من أين أتى بهذا الإحساس الغير منطقي ؟؟؟ من أين أتى بإحساس الضآلة ؟؟؟ أهذا إحساس صحيح؟؟؟؟ في رأيي هو شعور خاطئ نابع من عدم ثقته بنفسه ... فان الشرف كل الشرف يكمن في أن يعمل المرء عملا شريفا أيا كان ، وبالذات أن يحمى أرواح الناس كما كان عمل تيمور ، ولكنه مع ذلك لم يثق بنفسه ولم يستشعر أهمية ذاته، ببساطة لأنه تربى وتعلم أن المناصب بمظهرها ، فالوزير يقينا أهم واعلي من كل العاملين معه والملك أو رئيس الجمهورية أهم وأعلى من كل الشعب ( و هو مبدأ خاطئ قامت ضده معظم ثورات العالم ) ففي الحقيقة ما الحكام وما الوزراء إلا مجرد خدم للشعب ، ولكنها المفاهيم المريضة الممسوخة التي أطلت برأسها على المجتمع ........
وتفاقمت المشكلة عندما طلب حبيبها منها الزواج مشترطا أن تترك منصبها ... فقالت له إنها كفاءة مهمة ولولا هذا ما اختاروها لذلك المنصب في تلك السن المبكرة ، ولكنه اخبرها أن رضاه أهم وان فيه غيرها كثير ممكن يمسكوا مكانها ...... فيالها من نظرة مختلفة تماما عن رؤية الرواية الأولى ( مراتى مدير عام ) والتي تباكى فيها الموظفون على رئيستهم وهى راحلة إلى مكان جديد ( وعلى لسان وكيل المصلحة الذي قال لزوجها وهو يسأل على سبب حزنهم ..إنها جنازة الهمة والنشاط يا سى حسين ..جنازة الإخلاص والتفاني في العمل يا سى حسين .. يا نص سحس بس ) ... فمن أين أتت الأنانية وعدم تحمل المسئولية التى تحلى بها بطل قصتنا الثانية ...
ومن تكملة التسطيح الفكري فقد كان مشهد الإنقاذ الذي أنقذ فيها تيمور شفيقة من محاولة اختطاف وتسبب ذلك في إصابته إصابة بالغة وقد أدى هذا الموقف ( المهيب ) إلى تخليها عن عملها لأجله .... و وكأن هذا ليس واجبه الذي اقسم عليه تجاه عمله وتجاه اى فرد يقوم بحراسته ؟ فهل يعد هذا دليلا كافيا على الحب ؟؟
انتهى الفيلم على عكس نهاية نظيره الأول .. انتهى بترك شفيقة لعملها الذي كانت ناجحة جدا فيه ... عمل أفادت به بلدها وأهلها ... مع انه كان هناك فرصة لها أن تصبح زوجة ناجحة وأما ناجحة ووزيرة ناجحة وربما رئيسة جمهورية ناجحة في نفس الوقت ......
انتهى الفيلم بما يراه ويستسيغه المجتمع الآن و الذي هو نتاج تفكير سلبي بكل المقاييس !!
لم يستطع الرجل في (تيمور وشفيقة ) أن يرتقى ويعلو بنفسه حتى يصبح ندا ومساويا لحبيبته المتفوقة ..... وحتى لم يترك الفرصة لها ان ترتقي هي بذاتها فيرتقى هو معها تلقائيا باعتبار الأسرة وحدة واحدة و أى نجاح يحققه احد الشريكين ينعكس بالإيجاب على الشريك الآخر حتما ... ولكن كل ما استطاعه تيمور أن يضغط علي حبيبته ويكبتها ويرجعها للخلف أميالا طويلة حتى يشعر بانتصار زائف كاذب أمام الناس ، وحتى يشعر نفسه بفرق واهم رخيص مصطنع لأنه بالفعل لم يعلو عليها ولكن فقط نجح أن (يوطيها) ..... وللأسف فقد رضيت هي بذلك طمعا في الحب
ولكن أى حب ؟؟؟؟
أيعد هذا حبا حقيقيا؟؟؟؟؟؟؟
إن الحب يا أصدقائى هو التضحية بلا مقابل .. الحب هو أن تتمنى لحبيبك أكثر مما تتمنى لنفسك .. الحب هو ألا تقف حجر عثرة أمام مستقبله وفى نفس الوقت لا تتخلى عنه أو تتركه بحجة انه أصبح أعلى منك .... الحب هو ألا تضع العراقيل المصطنعة أمام حبيبك بسبب عقد نفسية فيك أو فى مجتمعك فتعوق تقدمه .. الحب هو أن تفتخر بحبيبك ايا كان ولا تخش نظرة أى إنسان ولا تخش في حبه لومة لائم ...
الحب هو أن تقف خلف حبيبك بكل قوتك دافعا إياه إلى الأمام ..
فهل يا ترى أيكون الحب من المرأة للرجل فقط ؟؟؟؟؟ هل وجب على شفيقة أن تحب هى فقط ؟؟؟ وهل تعد تضحيتها بمستقبلها وواجبها تجاه بلدها تضحية محمودة ؟؟؟
والسؤال الأهم هل توقف الرجال عن الحب ؟؟؟؟ إن الرجل إنسان كالمرأة تماما من الطبيعي والبديهي أن يكون قادرا على الحب والعطاء والتضحية ......
أى ظلم يظلمه المجتمع للمرأة عندما يعلمها أن تضحى بنفسها فتمحو كيانها و تدمر نجاحها فى مقابل ان ترضى عقد النقص عند إنسان مهزوز فاقد الثقة بالنفس ...
و أى ظلم أبشع يظلمه المجتمع للرجل عندما يعلمه أن يكون أنانيا طماعا لا يحب الخير لحبيبته ، ولا يقبل أن تحقق نجاحا أو تميزا لا لعلة حقيقية ولا لشيء إلا لإرضاء عقدة النقص والغرور عنده؟ ؟؟ انه والله لمجتمع مريض يفقد المرأة كرامتها كل يوم ، ويفقد الرجل آدميته وقدرته على الحب والعطاء كل لحظة .... فيحيلهما لمسخين معقدين ... ومن ثم ينتقل المجتمع بأسره من تخلف إلى تخلف اكبر ، ومن تدهور إلى تدهور أبشع ... عذرا يا نساء مجتمعي ..إنكن حقا مظلومات ولكن ظلم المجتمع للرجل اكبر من ظلمه لكن .... فمن السيئ أن يربى المجتمع إنسانا بلا كرامة ولكن الأسوأ بمراحل أن يربيه كائنا منزوع الآدمية .....
ملحوظة ( كويس اوى ان شفيقة لم تستمر وزيرة كتير لأنها بالعقلية دى كانت هتجيبنا ورا اكيد واحنا مش ناقصين)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق